أهلاً بك يا سيدنا، بل يا أبانا لويس. نريدك، بل نحتاجك بعمق وبصدق، يا ابن الأصالة والتجدد والوحدة … لا نريدك سيداً، ولا نريدك عظيماً، ولا نريدك عالماً، ولا نريدك غنياً، ولا نريدك سياسياً، ولا نريدك أيضاً قديساً طوباوياً … مع كونك في كل هذه الأمور والمفاهيم أنت “كدها” كما يقول العراقيون (البغداديون) بلغتهم العامية الحلوة .. بل نريدك أباً وأخاً وابناً، لنا أولاً، لكنيسة العراق، وبنفس المستوى والقوة، نريدك لاخوتنا المسلمين، ولكل العراقيين، وخاصة، خاصة، خاصة لوطننا الحبيب العراق، الحبيب على قلبنا نحن المسيحيين.
أطلبْ، يا أبانا، برجاءٍ وقوةٍ ومحبة، أطلبْ من جميع العراقيين، وخاصة المسؤولين في الدين والدولة، أن يحرقوا كل هوياتهم الخارجية الأجنبية، أن يحرقوها قرباناً للهوية العراقية التي يتحلون بها، وإذا لم تطاوعهم أنفسهم على ذلك، فليوضبوها، في خدمة العراق وشعب العراق، لا بالعكس.
حاول يا أبانا، وكما قلتَ أنت، لماذا يخاف المسيحيون، حاول واعمل على أن لا نخاف، وأسباب خوف المسيحيين واضحة أمامك، رغم كل الأسباب التي نعيشها يومياً، وحاول أيضاً أن يقبلنا، اخوتنا المسلمون في بيتنا العراق، أن يقبلونا كما نحن، ونحن لم ولن نخيف أحداً، ولا نؤذي أحداً، أهَلْ كُتب في التاريخ، أن أهل الدار يكرهون دراهم أو يؤذونه هو والساكنين فيه !؟
حاول أيضاً يا أبانا، أن يكون للمسيحيين كل الحقوق التي لاخوتنا المسلمين، وأن يكون ما يضر ويؤذي المسيحيين، يؤذي ويضر أيضاً اخوتنا المسلمين.
حاول يا أبانا، أن تخلق في ضمير ووجدان وقلب المسيحيين صورة نظيفة، مشرقة ومشرّفة لاخوتنا المسلمين. وقدم أيضاً لاخوتنا المسلمين, صورة مشرقة ومشرّفة عن المسيحيين ومقبولة لديهم … فأنا إنسان قبل أن أكون مسيحياً أو مسلماً أو صابئاً أو ايزيدياً … وأنا عراقيٌّ قبل أن أكون زاخولياً، أو بغدادياً، أو بصراوياً، أو مصلاوياً.
وعندما يقتنع الجميع بهذه الأمور، لا قولاً فقط، وأشدد على “لا قولاً فقط” بل فعلاً وعملاً في واقع حياتنا اليومية، نتقبله ونعيشه كبديهية وكعنصر من مقومات حياتنا، حينئذٍ نعدك يا أبانا، سوف لن ولا نخاف من أي شيء أو على شيء، وسوف لن نترك بلدنا العراق الحبيب، وأصر على “الحبيب”، وسوف لن نهاجر، حتى إذا ما يوعدوننا بالجنة … مسيرتك شاقة يا أبانا البطريرك. ولكن بعون الله ودعم ومساندة وتكاتف الخيرين والطيبين، لن تكون صعبة … حاول وسوف ترى وتجد كل العراقيين معك، يسمعونك ويقبلون بفرح وجدية وإخلاص، كل كلمة ، كل دعوة خيّرة طيبة, لأنهم خيّرون وطيبون، فأهلاً ومرحباً بك يا أبانا في كنيسة الصعود بين أبنائك، وفي بغداد بين أهلك …. وشكراً لك.
القس جميل نيسان
كاهن كنيسة الصعود