مريم سلطانة السماء والارض ملكة الكون
نحن على اعتاب نهاية شهر آيار، الذي خصص لتكريم مريم العذراء منذ قرون عديدة، مارس فيه اجدادنا وابائنا وجميع الاجيال المسيحية عبر هذه القرون صلوات وتعابير وممارسات تقوية مختلفة لتكريم امنا العذراء مريم منها : (صلاة المسبحة الوردية، قراءة الطلبات الخاصة بمريم العذراء، صلاة السهرانة، قراءات وتاملات الشهر المريمي، تراتيل………….. الخ ).
وتكون هذه الممارسات جماعية في الكنيسة، اوبين افراد العائلة الواحدة (عائلية )، او تكون فردية حسب الظروف والاستعدادات. المهم ان جميع هذه الممارسات تنصب في تيار واحد هو التركيز على مكانة مريم في مخطط الله الخلاصي ومشاركتها الفداء والخلاص الشامل الذي حققه المسيح.
فنحن لانعبد مريم كما يقال او كما يتهمنا البعض، فمريم هي خليقة من خلائق الله ولكنها خليقة فريدة نالت رضى الله بامانتها واخلاصها واخلاقها والتزامها بكل ما يرضي الله فد كانت بحق تلك الانسانة التي حملت كل المعاني الانسانية التي ارادها الله في خلقه للانسان.
فمن هي مريم………………
مريم هي امراة فقيرة من عائلة ملتزمة اخلاقيا ودينيا، ومن اسمها امتلكت حب الناس لابل حب الله لها، فاسم مريم باللغة المصرية هو (ميريام) وهو من مقطعين ميري وتعني محبوبة و(يام) ترمز الى الاله وبالذات الى يهوة اله العبرانيين، وبالنتيجة فان اسم مريم يعني (محبوبة لدى الله)، وايضا تترجم في بعض اللغات الى معنى( السيدة).
التزمت وكرست نفسها لخدمة الله في هيكله فكانت فكانت امينة لشريعة الله وحريصة على تطبيق كل تعاليمه في خدمة الاخرين ومحبتهم.
لذا اختارها الله ليتمم بها مخططه الخلاصي وهذا ما يبنه لنا الانجيل وكيف ان الله اعطاها مكانا مميزا ومكانة خاصة. فنلاحظ ذلك في الاية التالية : (( السلام عليك يا من انعم الله عليها الرب معك)) لو28:1. سلام الملاك لمريم ينقل لها رسالة الله ويخبرها انها ممتلئة من نعم الله وان الرب معها دائما. ويتدرج الملاك في قوله: (( لا تخافي يا مريم، نلت حظوة عند الله ))لو30:1. اي لاخوف لمن مثلك يامريم لان لك مكانة عالية ومميزة ومتينة عند ربك. ثم يخبرها الملاك: ((ستحبلين وتلدين ابنا تسمينه يسوع. فيكون عظيما وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الاله عرش ابيه داود ويملك على بيت يعقوب الى الابد ولايكون لملكه نهاية )) لو31:1-32. اي ان مريم ستكون اما لابن الله وانه الملك الذي ليس لملكه نهاية، فهي ام الملك الذي سيخلص العالم ويملك على هذا الكون فهي بالنهاية ملكة هذا الكون، وان روح الله ستحل عليها وقدرة العلي ستظللها.
وما كان لمريم الا وان استجابت لنداء ربها ((ها انا خادمة الرب فليكن لي كما تقول)) لو38:1. نعم قالتها مريم بكل حريتها وتواضعها وايمانها وبكل المسؤولية، لانها بهذه النعم دخلت في مخطط الله الخلاصي واصبحت جزء منه متحملة كل ما يترتب عليها من التزام في هذه المسيرة الخلاصية.
وبهذا القبول (النعم) تنقلنا مريم من عهد قديم الى عهد جديد من عهد الوعود الى عهد الخلاص، تنقلنا من العبودية والخطيئة الى الحرية والخلاص. فهي حواء الجديدة، هي ام البشرية جمعاء، لان بحواء دخلنا في عصيان الله والابتعاد عنه وبمريم نعود وندخل ملكوته ونقترب من الله لاننا نلنا الخلاص بابنها. فمريم تعيدنا الى صورة الانسان الذي اراده الله بخلقه الانسان الذي هو صورة الله.
فمريم ام يسوع ام الفادي والمخلص تسير معه درب الخلاص خطوة خطوة وتتحمل كل المصاعب والالام الى آخر لحظة وتتحد بكل قوة مع الام يسوع على الصليب وهذا ما قاله سمعان الشيخ لمريم عندما قدمت يسوع الى الهيكل ((اما انت فسيف الاحزان سينفذ في قلبك)) لو35:2. ورغم كل تلك المصاعب والالام والاحزان تتحمل مسؤليتها كام ليسوع وتحمل عبئا جديدا بان تكون أما لنا جميعا لتحتضننا بجناحها ورعايتها. في اليوم ليست أم ليسوع والكنيسة بل هي أم جميع البشر.
فهذه هي مريم، قديسة ومباركة بكل المعاني، أم شاملة وانسانة بالمعنى الحقيقي للكلمة، انها السلطانة السماء والارض بل هي حقا ملكة الكون .
صلي لاجلنا يا مريم يا ملكة يا أم الرحمة والرأفة……. آمين.
محبكم
باهر بديع قودا