قال لوقا البشير: تمّ زمان أليصابات لتلد، فولدت ابناً. وسمع جيرانها وأقاربها أنّ الربّ قد عظّم رحمته لها، ففرحوامعها. وفي اليوم الثامن جاؤوا ليختنوا الصبيّ، وسمّوه باسم أبيه زكريّا. فأجابت أمّه وقالت: “لا! بل يُسمّى يوحنّا!”. فقالوا لها: لا أحد في قرابتك يدعى بهذاالاسم”. وأشاروا إلى أبيه ماذا يريد أن يسمّيه . فطلب لوحا وكتب: “إسمه يوحنّا!”.فتعجّبوا جميعهم. وانفتح فم زكريّا، وانطلق لسانه، وجعل يتكلّم ويبارك الله، فاستولىالخوف على جميع جيرانهم، وتحدّث الناس بكلّ هذه الأمور في كلّ جبل اليهوديّة. وكان من سمع بذلك يحفظه في قلبه قائلاّ: “ما عسى هذا الطفل أن يكون؟”. وكانت يدالربّ حقّاً معه.
الله يتمّ وعده، الذي أعلنه في بشارة الملاك لزكريّا: يوحنّا يولد، الشعب يفرح، ورحمة الله تتجلّى، والمولود يعطى اسمه، والنطق يعود لزكريّا. هذه كلّها علامات لعظمة هذا الصبيّ. الله أمين في وعده وعهده، فعندما يعد يفي. إنه إنجيل الرحمة. نصلّي في المزمور 105: “احمدوا الربّ إلهنا وادعوا باسمه، انشدوا له وافتخروا باسمه القدّوس. هو الربّ إلهنا يتذكّر للأبد عهده: الكلمة التي أوصى بها إلى ألف جيل، العهد الذي قطعه مع ابراهيم، والقسم الذي اقسمه لاسحق، والذي جعله فريضة ليعقوب وعهدا ابديّاً لشعبه” (مز 105/1-10).
يظهر يوحنا المعمدان شخصيّة بارزة في صفحات الكتاب المقدس، هو النبي الذي يفصل بين العهدين، القديم والجديد. هومن قال فيه يسوع:” لم يظهر في مواليد النساء أكبر من يوحنا المعمدان”(متى11/11).هو السراج الذي يهيّئ لطلوع الشمس يسوع المسيح، وعندما يظهر هذا النور سينتهي دوره.يوحنا عاش حياة البراري القاسية وتعلّم مهنته كمنادٍ، لأنه سيهيّئ للرب “شعباً معدّاً خير إعداد” (لو1/17).
اعتلن إنجيل الرحمة بمولد يوحنّا وباسمه الذي يعني الله رحوم “يهوحنان”. وهو اعتلان يشمل تجليّات رحمةالله في العهد القديم، ويوحنّا آخر أنبيائه، ويفتتح تجلّياتها في العهد الجديد، ويوحنّا رسوله الأوّل
إن انجيل مولد يوحنا ينقلنا إلى الحدود بين عالمين، نهاية العهد القديم وفيه نجد زكريا وإليصابات وكل الذين حولهما، وبداية العهد الجديد الذي يسطع كالشمس ونجد فيه تعجّب جميع الناس. انه إفتقاد جديدمن الله لشعبه، بمرسل اسمه “يوحنا” أي الرب الحنّان الذي يدلّ على مرحلة جديدة من تدبير الله الخلاصي وعلى صدق وعد الله لشعبه.
ميلاد يوحنّا
في العُلَى وَالعُمقِ كانَ للإبنِ كارِزان:
نَجْمُ نورٍ هَتَفَ مِنْفَوْق،
وَيوحَنَّا كَرَزَ مِنْتَحتْ.
كارِزان: أرْضِيُّ وَسَماوِيّ!
ذلِكَ العُلوِيُّ أظْهَرَ طَبيعَتَهُ أنَّها مِنَ العَظَمَة،
وَالأرْضِيُّ أظْهَرَ طَبيعَتَهُ
أنَّها مِنَ البَشَرِيَّة. عَجَبٌ عَظيم!
إنَّ لاهوتَهُ وَناسوتَهُ قَدْ كُرِزَ بِهِما!
(من “أناشيد الميلاد”لمار أفرام السّرياني، النّشيد السادس)